الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)
.استيلاء خوارزم شاه على ترمذ وتسليمها للخطا. ولما أخذ خوارزم شاه بلخ سار عنها إلى ترمذ وبها عماد الدين عمر بن الحسين الذي كان صاحب بلخ وقدم إليه محمد بن بشير بالعذر عن شأن أبيه وأنه إنما بعثه لخوارزم مكرما وهو أعظم خواصه ويعده بالاطلاع فاتهم على صاحبها أمره واجتمع عليه خوارزم شاه والخطا من جميع جوانبه وأسر أصحابه ملوك باميان بغزنة فاستأمن إلى خوارزم شاه وملك منه البلد ثم سلمها إلى الخطا وهم على كفرهم ليسالموه حتى يملك وينتزعها منهم فكان كما قدره والله سبحانه وتعالى أعلم..استيلاء خوارزم شاه على الطالقان. ولما ملك خوارزم شاه ترمذ سار إلى الطالقان وبها سونج واستناب على الطالقان أمير شكار نائب غياث الدين محمود وبعث إليه يستلميه فامتنع وبرز للحرب حتى تراءى الجمعان فنزل عن فرسه ونبذ سلاحه وجاء متطارحا في العفو فأغرض عنه وملك الطالقان واستولى على ما فيها وبعث إليه سونج واستناب على بعض أصحابه وسار إلى قلاع كالومين ومهوار وبها حسام الدين علي بن أبي فقاتله ودفعه على ناحيته وسار إلى هراة وخيم بظاهرها وجاء رسول غياث الدين بالهدايا والتحف ثم جاء ابن حرميل في جمع من عساكر خوارزم شاه إلى اسفراين فملكها على الامان في صفر من السنة وبعث إلى صاحب سجستان وهو حرب بن محمد بن إبراهيم من عقب خلف الذي كان ملكها منذ عهد ابن سبكتكين في الطاعة لخوارزم والخطبة له فامتنع وقصد خوارزم شاه وهو على هراة القاضي صاعد بن الفضل الذي أخرجه ابن حرميل ولحق بغياث الدين فلما جاء إلى خوارزم شاه رماه ابن حرميل بالميل إلى الغورية فحبسه بقلعة زوزن وولى القضاء بهراة الصفى أبا بكر بن محمد السرخسي وكان ينوب عن صاعد وابنه في القضاة..استيلاء خوارزم شاه على مازندان وأعمالها. ثم توفي صاحب مازندان حسام الدين ازدشير وولى ابنه الأكبر وطرد أخاه الأوسط فقصد جرجان وبها الملك على شاه ينوب عن أخيه خوارزم شاه محمد بن تكش واستنجده فستأذن أخاه وسار معه من جرجان سنة ثلاث وستمائة ومات الأخ الذي ولى على مازندان وولى مكانه أخوهما الأصغر ووصل على شاه ومعه أخو صاحب مازندان فعاثوا في البلاد وامتنع الملك بالقلاع مثل سارية وآمد فملكوها من يده وخطب فيها لخوارزم شاه وعاد شاه إلى جرجان وترك ابن صاحب مازندان الذي استجار به ملكا في تلك البلاد وأخوه بقلعة كوره..استيلاء خوارزم شاه على ما وراء النهر وقتاله مع الخطا وأسره وخلاصه. قد تقدم لنا كيف تغلب الخطا على ما وراء النهر منذ هزموا سنجر بن ملك شاه وكانوا أمة بادية يسكنون الخيام التي يسمونها الخركاوات وهم على دين المجوسية كما كانوا موطنين بنواحي أوزكنده وبلاد ساغون وكاشغر وكان سلطان سمرقند وبخارى من ملوك الخانية الاقدمين عريقا في الإسلام والبيت والملك ويلقب خان خاقان بمعنى سلطان السلاطين وكان الخطا وضعوا الجزية على بلاد المسلمين فيما وراء النهر وكثر عيثهم وثقلت وطأتهم فأنف صاحب بخارى من تحكمهم وبعث إلى خوارزم شاه يستصرخه لحادتهم على أن يحمل اليه ما يحملونه للخطا وتكون له الخطبة والسكة وبعث في ذلك وجوه بخارى وسمرقند فحلفوا له ووضعوا رهائنهم عنده فتجهز لذلك وولى أخاه على شاه على طبرستان مع جرجان وولى على نيسابور الأمير كزلك خان من أخواله وأعيان دولته وندب معه عسكرا وولى على قلعة زوزن أمين الدين أبا بكر وكان أصله حمالا فارتفع وترقي في الرتب إلى ملك كرمان وولى على مدينة الجام الأمير جلدك وأقر على هراة الحسن بن حرميل وأنزل معه ألفا من المقاتلة واستناب في مرو وسرخس وغيرهما وصالح غياث الدين محمودا على ما بيده من بلاد الغور وكرمسين وجمع عساكر وسار إلى خوارزم فتجهز منها وعبر جيحون واجتمع بسلطان بخارى وسمرقند وزحف إليه الخطا فتواقعوا معه مرات وبقيت الحرب بينهم سجالا ثم انهزم المسلمون وأسر خوارزم شاه ورجعت العساكر إلى خوارزم معلولة وقد أرجف بموت السلطان وكان كزلك خان نائب نيسابور محاصرا لهراة ومعه صاحب زوزن فرجعوا إلى بلادهما وأصلح كزلك خان سور نيسابور واستكثر من الجند والأقوات وحدثته نفسه بالاستبداد وبلغ الارجاف إلى أخيه علي شاه بطبرستان فدعا لنفسه وقطع خطبة أخيه وكان مع خوارزم شاه حين أسر أمير من امرائه يعرف بابن مسعود فتحيل للسلطان بان أظهر نفسه في صورته واتفقا على دعائه باسم السلطان وأوهما صاحبهما الذي أسرهما أن ابن مسعود هو السلطان وأن خوارزم شاه خديمه فأوجب ذلك الخطائي حقه وعظمه لاعتقاده أنه السلطان وطلب منه بعد أيام أن يبعث ذلك الخديم لأهله وهو خوارزم شاه في الحقيقة ليعرف أهله بخبره ويأتيه بالمال فيدفعه إليه فأذن له الخطائي في ذلك وأطلقه بكتابه ولحق بخوارزم ودخل إليها في يوم مشهود وعلم بما فعله أخوه علي شاه بطبرستان وكزلك خان بنيسابور وبلغهما خبر خلاصه فهرب كزلك خان إلى العراق ولحق علي شاه بغياث الدين محمود فأكرمه وأنزله وسار خوارزم شاه إلى نيسابور فأصلح أمورها وولى عليها وسار إلى هراة فنزل عليها وعسكره محاصر دونها وذلك سنة أربع وستمائة والله أعلم.
|